وهذه جملةٌ قد يُرى في أوّلِ الأَمرِ - وبادىءَ الظنَّ - أنها تَكفي وتُغني . حتى إِذا نَظرنا فيها وَعُدنا وبَدأنا وجدنا الأَمرَ على خِلافِ ما حَسِبناه وصادفنا الحالَ على غيرِ ما توهَّمناهُ . وعلمنا أنَّهم لئن أقْصَرُوا اللّفظَ لقد أطالوا المعنى وإنْ لم يغرقوا في النَّزْع لقد أبعدوا على ذاك في المَرْمى وذاك لأنه يقالُ لنا : ما زدتُم على أن قِسْتُم قِياساً فقلتم : نَظْمٌ ونَظمٌ وترتيبٌ وترتيبٌ ونسجٌ ونسجٌ . ثمَ بنيتم عليه أنه يَنبغي أن تظهرَ المزيَّةُ في هذهِ المعاني هاهنا حسب ظهورِها هناك . وأن يَعْظُمَ الأَمرُ في ذلك كما عَظُم ثَمَّ وهذا صحيحٌ كما قُلتمْ ولكن بقيَ أن تُعْلمونا مكانُ المزيَّة في الكلام وتَصِفوها لنا وتَذْكُروها ذكراً كما يُنَصُّ الشيءُ ويُعَيَّن ويكشَفُ عن وجههِ ويُبَيَّن . ولا يكفي أن تقولوا : إنه خصوصيَّةٌ في كيفيَّة النَّظم وطريقةٌ مخصوصةً في نَسَقِ الكَلِمِ بعضِها على بَعض حتى تصفوا تلكَ الخُصوصِيّة وتُبَيَّنوها وتذكروا لها أمثلةً وتقولوا : مثلَ كيت وكيت . كما يذكرُ لك من تَستوصِفُه عملَ الدَّيباج المُنقَّش ما تعلم به وجهَ دقَّة الصَّنعة أو يعلمُه بينَ يديك حتى تَرى عِياناَ كيف
47 دلائل الإعجاز - الكتاب العربي الصفحة
فبراير 17, 2021
الرئيسية >وهذه جملةٌ قد يُرى في أوّلِ الأَمرِ - وبادىءَ الظنَّ - أنها تَكفي وتُغني . حتى إِذا نَظرنا فيها وَعُدنا وبَدأنا وجدنا الأَمرَ على خِلافِ ما حَسِبناه وصادفنا الحالَ على غيرِ ما توهَّمناهُ . وعلمنا أنَّهم لئن أقْصَرُوا اللّفظَ لقد أطالوا المعنى وإنْ لم يغرقوا في النَّزْع لقد أبعدوا على ذاك في المَرْمى وذاك لأنه يقالُ لنا : ما زدتُم على أن قِسْتُم قِياساً فقلتم : نَظْمٌ ونَظمٌ وترتيبٌ وترتيبٌ ونسجٌ ونسجٌ . ثمَ بنيتم عليه أنه يَنبغي أن تظهرَ المزيَّةُ في هذهِ المعاني هاهنا حسب ظهورِها هناك . وأن يَعْظُمَ الأَمرُ في ذلك كما عَظُم ثَمَّ وهذا صحيحٌ كما قُلتمْ ولكن بقيَ أن تُعْلمونا مكانُ المزيَّة في الكلام وتَصِفوها لنا وتَذْكُروها ذكراً كما يُنَصُّ الشيءُ ويُعَيَّن ويكشَفُ عن وجههِ ويُبَيَّن . ولا يكفي أن تقولوا : إنه خصوصيَّةٌ في كيفيَّة النَّظم وطريقةٌ مخصوصةً في نَسَقِ الكَلِمِ بعضِها على بَعض حتى تصفوا تلكَ الخُصوصِيّة وتُبَيَّنوها وتذكروا لها أمثلةً وتقولوا : مثلَ كيت وكيت . كما يذكرُ لك من تَستوصِفُه عملَ الدَّيباج المُنقَّش ما تعلم به وجهَ دقَّة الصَّنعة أو يعلمُه بينَ يديك حتى تَرى عِياناَ كيف