فصل هذا بيان آخرُ في " إنما "
اعلمْ أنها تفيدُ في الكلام بعدَها إيجابَ الفعل لشيءٍ ونفيَه عن غيرِه . فإذا قلتَ : إنما جاءني زيدٌ عُقِلَ منه أنك أردتَ أن تنفيَ أن يكونَ الجائي غيرَه . فمعنى الكلامِ معها شبيهٌ بالمعنى في قولِك : جاءني زيدٌ لا عمرٌو إلا أنَّ لَهَا مَزيّةً وهي أنك تعقِلُ معها إيجابَ الفعل لشيءٍ ونفيَه عن غيرِه دفعةً واحدة وفي حالٍ واحدةٍ . وليس كذلك الأمرُ في : جاءني زيدٌ لا عمرٌو . فإنَّك تعقِلُهما في حالين . ومزيّةً ثانيةً وهي أنها تجعلُ الأمرَ ظاهراً في أن الجائي زيدٌ ولا يكونُ هذا الظهورُ إذا جعلتَ الكلامَ بلا فقلتَ : جاءني زيدٌ لا عمرُو
ثم اعلمْ أن قولَنا في " لا " العاطفة : إنها تَنفي عن الثاني ما وجبَ للأوَّل ليس المرادُ به أنها تنفي عن الثاني أنْ يكون قد شارك الأولَ في الفعل بل إنها تنفي أن يكونَ الفعلُ الذي قلتَ إنه كانَ من الأول قد كان مِنَ الثاني دونَ الأول . ألاَ ترى أنْ ليس المعنى