وإِذ قد عرفتَ ذلك فها هنا أصلٌ وهو أَنَّه من حُكمِ النفي إِذا دخلَ على كلامٍ ثمَّ كان في ذلكَ الكلامِ تقييدٌ على وَجْهٍ من الوجوهِ أن يتوجَّه إِلى ذلكَ التقييد وأن يقعَ له خصوصاً . تفسيرُ ذلك أنَّك إِذا قلتَ : أتاني القومُ مجتمعين . فقالَ قائلٌ : لم يأتِك القومُ مجتمعين . كانَ نفيهُ ذلك متوجِّهاً إِلى الاجتماعِ الذي هو تقييدٌ في الإِتيان دونَ الإِتيان نفسِه حتى إِنه إِنْ أرادَ أنْ ينفيَ الإِتيانَ من أصلهِ كان من سبيلِهِ أن يقولَ : إِنهم لم يأتوكَ أصلاً فما معنى قولِكَ " مجتمعين " هذا مما لا يَشُكُّ فيه عاقلٌ . وإِذا كانَ هذا حكمَ النفي إِذا دخلَ على كلامٍ فيه تقييدٌ فإِنَّ التأكيدَ ضربٌ منَ التقييد فَمتى نفيتَ كلاماً فيه تأكيدٌ فإِنَّ نفيكَ ذلكَ يتوجَّه إلى التأكيدِ خصوصاً ويقعُ له
فإِذا قلتَ : لم أرَ القومَ كلَّهم أَوْ لَمْ يأتِني القومُ كلُّهم أو لم يأتِني كلُّ القومِ أو لم أرَ كلَّ القومِ كنتَ عمدتَ بنفيكَ إِلى معنى " كلّ " خاصةً وكانَ حكمُه حكمَ " مجتمعين " في قولِكَ : لم يأتِني القومُ مجتمعين . وإِذا كان النفيُ يقعُ لكلٍّ خصوصاً فواجبٌ إِذا قلتَ :