فإِن قلت : هَلْ كان يجوزُ أن يُعْطَف قولُه تعالى : ( اللهُ يستهزئُ بِهم ) على " قالوا " من قولِه : ( قالوا إنَّا معكُم ) لا على ما بَعْدَه وكذلك كان يَفْعَلُ في ( إنَّهم هُم المفسدون ) و ( إنَهم همُ السفهاء ) . وكان يكونُ نظيرَ قولِه تعالى : ( وقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ولَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لقضي الأمر ) وذلك أن قوله ( ولو أنزلنا ملكا ) معطوف من غير شك على " قالوا " دون ما بَعْده قيل إنَّ حكمَ المعطوفِ على " قالوا " فيما نحنُ فيه مخالفٌ لحكمه في الآية التي ذكرت وذلك أنَّ " قالوا " ها هُنا جوابُ شرطٍ . فلو عُطِف قولُه : ( اللهُ يستهزىءُ بهم ) عليه لَلزِمَ إدخالُه في حُكْمِه مِنْ كونِه جواباً وذلكَ لا يَصِحُّ . وذاك أنه متى عُطِف على جوابِ الشرطِ شيءٌ بالواو كان ذلك على ضربينِ :
أحدُهما : أن يكونا شيئين يتصوَّرُ وجودُ كلِّ واحدٍ منهما دُونَ الآخر ومثالُه قولكَ : إن تأتِني أُكْرِمْكَ أعْطِكَ وأكْسُكَ