( وسالتْ بأعناقِ المطيِّ الأباطحُ ... )
غَيرَ السَّيل
واعلمْ أن الذي ذكرتُ لك في المجاز هناك مِنْ أَنَّ مِنْ شأنِهِ أن يَفْخُمَ عليه المعنى وتحدُثَ فيه النَّباهةُ قائم لك مثلُه هاهُنا . فليس يَشتَبه على عاقلٍ أنْ ليس حالُ المعنى وموقعهُ في قولهِ - الرجز - :
( فَنَامَ لَيْلي وتجَلَّى هَمِّي ... )
كحالهِ وموقعهِ إذا أنتَ تركتَ المجازَ وقلتَ : فنمتُ في ليلي وتجلَّى همي كما لم يكنِ الحالُ في قولك : رأيتُ رجلاً كالأسد . ومَنْ ذا الذي يَخفى عليه مكانُ العلوِّ وموضعُ المزية وصورةُ الفُرقان بينَ قولهِ تعالى : ( فما ربحتْ تجارتُهم ) وبينَ أن يقالَ : " فما رَبحوا في تجارتِهم "
وإنْ أردتَ أَنْ تزدادَ للأمرِ تَبيُّناً فانظرْ إلى بيتِ الفرزدق - الكامل - :
( يَحْمي إذا اخْتَرَطَ السُّيوفُ نِساءَنا ... ضَرْبٌ تَطيرُ لَه السَّواعدُ أرْعَلُ )