الأمر الثالث أن ترجمة القرآن بهذا المعنى مساوية لترجمة تفسيره العربي لأن الترجمة هنا لم تتناول في الحقيقة إلا رأي هذا المفسر وفهمه لمراد الله على قدر طاقته خطأ كان فهمه أو صوابا ولم تتناول كل مراد الله من كلامه قطعا فكأن هذا المفسر وضع أولا تفسيرا عربيا ثم ترجم هذا التفسير الذي وضعه وإن شئت فقل إنه ترجم تفسيرا للقرآن قام هو به غير أنه لم يدونه وأنت خبير بأن التفسير هو التفسير سواء أدونه صاحبه أم لم يدونه
الأمر الرابع ذهب بعضهم إلى تسمية هذا النوع وما يشبهه ترجمة تفسيرية للقرآن بالمعنى العرفي ونحن مع علمنا بأن الخلاف في التسمية تافه لا نستطيع أن نرى رأيهم لشهادة العرف التي أقمناها ثم اعتمدنا عليها في رسم الفوارق الأربعة بين أي ترجمة وأي تفسير فترجمة القرآن على فرض إمكانها تصوير لكل ما أراد منزله من معانيه ومقاصده وترجمة التفسير تصوير لكل ما أراد المفسر من معانيه ومقاصده والقرآن لا يمكن أن يكون في معانيه المرادة لله خطأ أبدا فإذا صحت ترجمته على فرض إمكانها وجب ألا تحمل ولا تصور خطأ أما التفسير فيمكن أن يكون في معانيه المرادة للمفسر خطأ أي خطأ وعلى هذا فترجمة هذا التفسير ترجمة صحيحة لا بد أن تحمل هذا الخطأ وتصوره وإلا لما صح أن تكون ترجمة له لأن الترجمة صورة مطابقة للأصل ومرآة حاكية له على ما هو عليه من صواب أو خطأ إيمان أو كفر حق أو باطل
