ولكي نوضح لك معنى المثلية المستحيلة في ترجمة القرآن بهذا المعنى نرشدك إلى أن هذه الترجمة لا تتحقق إلا بأمور بعضها مستحيل وبعضها ممكن ذلك أنه لا بد فيها على ضوء ما تقدم من أن تكون وافية بجميع معاني القرآن الأصلية والتابعة على وجه مطمئن وأن تكون وافية كذلك بجميع مقاصده الثلاثة الرئيسية وتلك أمور مستحيلة التحقق كما سبق بيانه ثم لا بد فيها أيضا من أن تكون صيغتها صيغة استقلالية خالية من الاستطراد والتزيد وتلك أمور ممكنة الوقوع في ذاتها لكنها إذا أضيفت إلى سابقتها كان المجموع مستحيلا لأن المؤلف من الممكن والمستحيل مستحيل
فإذا أريد بعد ذلك أن تكون ترجمة القرآن هذه حرفية وجب أن يعتبر فيها أمران زائدان وجود مفردات في لغة الترجمة مساوية لمفردات القرآن ووجود ضمائر وروابط في لغة الترجمة مساوية لروابط القرآن حتى يمكن أن يحل كل مفرد من الترجمة محل نظيرة من الأصل كما هو المشروط في الترجمة الحرفية وهذا لعمر الله مما يزيد التعذر استفحالا والاستحالة إيغالا ويجعل هذه الترجمة لو وجدت مثلا للقرآن يا له من مثل وشبيها لا يطاوله شبيه ومعارضا لا يغالبه معارض وقد عرفت دليل بطلان كل ما يصدق عليه أنه مثل للقرآن وفي هذا يقول الله سبحانه قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا فنفي المثلية عن القرآن كما نفى المثلية عن نفسه في قوله ليس كمثله شيء وبالغ في النفي وفي التحدي فجمع الإنس والجن على هذا العجز ثم أكد هذا النفي وهذا التحدي مرة أخرى بتقرير عجز الثقلين عن المثلية على فرض معاونة بعضهم لبعض فيها واجتماع قواهم البيانية والعلمية عليها